كانوا يعيشون على بعد أميال قليلة من بعضهم بعضاً في منطقة ريفية من شمال وسط فيتنام، وهي مختلفة تماما عن المراكز التجارية سريعة التطور في هانوي ومدينة «هو تشي منه». ينحدر«نجوين دينه تو»، 26 عاماً، و«بوي ثي نهونج»، 19، و«لو فان ها»، 30، من «ين ثانه» بمقاطعة «نجه آن» الفيتنامية. وتعتقد أسرهم أنهم من بين 39 شخصاً عُثر عليهم متوفين داخل حاوية شحن في «إسيكس» بإنجلترا، الأسبوع الماضي.
وقال أقاربهم المنكوبون إن هؤلاء الثلاثة (تو، ونهونج، وها) قد توجهوا إلى أوروبا على أمل الهروب من الفقر، ضمن الآلاف من العمال الفيتناميين المهاجرين الذين يغادرون البلاد كل عام بحثاً عن عمل. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، ينتمي الكثيرون إلى منطقة «نجه آن»، وهي منطقة فقيرة في بلد كانت تروج لنموها الاقتصادي القوي في السنوات الأخيرة.
وتتألف «نجه آن»، وهي أكبر مقاطعة في فيتنام، من مجتمعات صغيرة تعمل بالزراعة وصيد الأسماك وتعاني الفقر. ومعظم المنازل عبارة عن هياكل خرسانية عارية بها عدد قليل من الغرف. ولكن قصص العمال المهاجرين الناجحين، تقود الآخرين إلى محاولة القيام برحلة محفوفة بالمخاطر، وبريق الاستقرار المالي يمكن أن يخفي المخاطر التي تنطوي عليها الرحلة.
تقول «ناتاليا بانوليسكو بوجدان»، الخبيرة في شؤون الهجرة الدولية بمعهد أبحاث سياسة الهجرة في واشنطن «أعتقد أن هناك أسطورة نشأت حول الذهاب إلى أوروبا والولايات المتحدة، والتي قد تعكس أو لا تعكس الواقع».
لقد حصل «تو»، الذي لديه طفلان صغيران، على قرض بقيمة 30,000 دولار لبناء منزل لأسرته في «ين ثانه»، بحسب ما قالت عمته «نجوين ثي تشين»، التي أضافت أن أحد أصدقائه الموجودين بالفعل في أوروبا أخبره أنه يجب عليه الذهاب إلى هناك للعمل وسداد ديونه. لذا فقد استدان 30,000 دولار أخرى من البنوك وأفراد الأسرة، لتمويل محاولته، وعمل بشكل غير قانوني في رومانيا ثم ألمانيا قبل محاولة دخول بريطانيا الأسبوع الماضي، حيث أخبره صديقه أن بإمكانه العمل مقابل 2,600 دولار شهرياً، ما يعد مبلغاً ضخماً لشخص من هذا المجتمع الصغير، حيث فرص العمل محدودة. أما «نهونج» فاضطرت إلى ترك المدرسة الثانوية، لأن أسرتها لم تستطع تحمل نفقاتها بعد أن توفي والدها قبل عامين.
* صحفي مقيم في باريس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»